الاحتباس الحراري والخطر العالمي القادم
أ.د علاء محمود التميمي
إن مناخ كوكبنا يتغير على مدار الزمن الجيولوجي مع حصول تقلبات ملحوظةخلال القرن الأخير في متوسط درجات الحرارة حيث ارتفعت درجة الحرارة فيالعقود الثلاثة الأخيرة عالميا بسرعة أكبر من أي أوقات ماضية. أصبح جليًّا ان معظم ارتفاع درجات الحرارة سببها إطلاق غازاتٍ تحبسُ الحرارة – وهي التي يشار إليها في العادة بغازات الدفيئة أو الاحتباس الحراري- لإمداد حياتنا الحديثة بالطاقة عبر حرق الفحم والغاز والنفط – وهو ما زاد تركيز غاز ثانيأوكسيد الكربون – في غلاف أرضنا الجوي. وهذا، يسبّب ارتفاع متوسط درجة حرارة كوكبنا ويدفع لحدوث التغير المناخي والارتفاع السريع لدرجة الحرارة بالنسبة للكائنات الحية التي تعجز عن التكيّف معه. إن التغير المناخي لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة، بل يشمل أيضًا ارتفاع مستويات البحار، وتناقص تعداد كائنات الحياة البرية، وتبديل مواطن الحيوان والنبات الطبيعية، وطيفًا من التأثيرات الأخرى.
ان آثار التغير المناخي باتت محسوسةً فعلا الآن، غير أنها ستزدادُ سوءًا. فقد بلغ متوسط درجات الحرارة في الوقت الحالي للأرض نحو درجة مئوية واحدة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية وترتفع حرارة الأرض بمقدار0.17 درجة كل عشر سنوات. فكل نصف درجة (أو حتى أقل من ذلك) من الاحتباس الحراري للأرض لها أهميتها. علما أن نحو 200 دولة وافقت في عام 2015 على وضع حد للارتفاع في درجات الحرارة لا يتجاوز درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو حد يعتقد أنه نقطة فاصلة بالنسبة للمناخ. بغية تجنّب الاحتباس الحراري المدمر للأرض ولكيلا نصل للنقطة الفاصلة بالنسبة للمناخ ، يجب ألا ترتفع درجة حرارة الأرض إلى درجة ونصف الدرجة المئوية فوق مستويات درجات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية – أو في أقل الحدود ألا نتجاوز ذلك حيث يتسبب ذلك في حدوث نقص غذائي واسع النطاق، وموجات حر لم يسبق لها مثيل، وأعاصير أكثر شدة
ومن الأهمية بمكان أن نضع في حسباننا أنه لا توجد قائمةٌ واحدةٌ بآثار التغير المناخي يمكن أن تكون شاملة. فمن المرجح جدًّا أن موجات ارتفاع الحرارة سوف تحصل على نحوٍ أكثر تكرّرًا وستستمر لفتره أطول، وتصبح وقائع هَطـْلِ الأمطار الغزيرة أكثر شدةً وتواترًا في الكثير من أنحاء العالم.كما من المرجح جدا حدوث زيادة في تكرر وقوع ظواهر الحرّ المتطرفة، والموجات الحارة، ومن المرجح جدا أن يزداد هطول المطر عند خطوط العرض العليا شمال الكرة الأرضية وأن يقل الهطول في معظم مناطق اليابسة شبه المدارية، وان يزداد تكرار حرق الغابات وفي حدوث زيادة في شدة الأعاصير المدارية وستظل المحيطات تزداد حرارةً وتـَتَحمّض، وسيستمر مستوى البحر العالمي الوسطي بالارتفاع. كل هذا سيكون له تأثير مدمّرٌ على حياه البشر حيث ستغمر المياه اليابسة وتغرق مدن كبيرة ومهمة ممن تقع على سواحل البحر.
يجب بحلول عام 2030 خفض انبعاثات غازات الدفيئة بمقدار النصف من مستوياتها لعام 2010 حتى نتجنب الوصول إلى درجة ونصف مئوية، التي تؤدي لانكماش مساحة منطقة الغطاء الجليدي، وزيادة في عمق الذوبان في معظم الأراضي دائمة التجمد، وتقلص مساحة الرقعة الجليدية فوق البحار ووفقا لبعض الإسقاطات التي تستخدم سيناريوهات مختلفة فإنه بحلول الجزء الأخير من القرن الحادي والعشرين سيختفي معظم الجليد البحري في أواخر الصيف في القطب الشمالي وسينخفض الإنتاج الزراعي والموارد المائية والنظم البيئية الساحلية في أنحاء أفريقيا و آسيا لذا يجب على الحكومات اتخاذ خطوات فوريّة الآن لتغيير مسار الأحداث و اتخاذ تدابير عاجلة لخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري، فكلما طالت المدة التي سنتخذها لفعل ذلك، زادَ الاعتماد على التقنيات المكلِفة التي قد تكون لها آثارٌ ضارةٌ مما يستدعي من الدول أن تحدد أهدافًا ذات مصداقية، بحلول عام 2030، لوقف زيادة الانبعاثات الغازية، و تقديم حلول وخطوات لمساعدة المدن في أن تنمو نمواً نظيفاً قادراً على المرونة في وجه تغير المناخ، وأن تبتكر أساليب زراعية ذكية ملائمة للمناخ، وأن تجد سبلاُ مبتكرة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة وأداء أنواع الطاقة المتجددة وإلغاء الدعم الضار للوقود الأحفوري وأن تساعد في وضع السياسات التي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إيجاد سعر مستقر للكربون.
عدم التحرك السريع والجدي يعني إننا نجازف بأن تفوتنا النقطة التي يمكننا عندها تجنّبُ التغيّر المناخي الجامح، مع عواقب وخيمة على الناس وكافة المنظومات الطبيعية التي تساعدنا على البقاء أحياء علما إن أجيال المستقبل ستعاني من الآثار المتفاقمة إن لم تتخذ الحكومات إجراءاتٍ فورية الأمريستدعى التدبر وتذكر أن هذا الخطر سيسحق كل شيء أمامه وستبدو معه الأزمات والصراعات السياسية التي تخلقها المطامع قصيرة الأجل بلا معنى ولا دلالة.
1 comment
Join the conversationEngr.Ahkam Al Taee - June 16, 2021
موضوع مهم جدا وهنالك تقصير كبير من بعض الدول تجاه هذا لغرض خلق فرص عمل لأبناها ولتقليل كلف الانتاج