عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص للمشاريع الانشائية
مقدمة:
الهدف من هذا المقال هو تقديم بعض المعلومات عن (عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص) لتنفيذ مشاريع البنى التحتية التي تنفذها الدولة والتي تختلف عن عقود المشاريع التقليدية المتعارف عليها. هذه الطريقة قد يستفيد منها العراق في مشاريع التنمية في المرحلة القادمة. ولغرض فهم ذلك يستعرض المقال بشكل مختصر الطريقة التقليدية لعقود تنفيذ المشاريع والتي لا تزال متبعة في العراق ومعظم دول العالم. رغم ان هناك طرق كثيرة تقع ضمن الطريقة التقليدية الا ان هذا المقال يتطرق الى الطريقة العامة فقط , كذلك فان المقال لا يشمل مشاريع المستثمرين الخاصة,وعليه فان تعبير” رب العمل” في هذا المقال يعني الجهة الحكومية المسؤولة عن المشروع.
لعله من المفيد ذكر ان ابسط مكونات العقود هي تحديد المسؤوليات والمخاطر التي تتحملها الاطراف المتعاقدة وحقوقها. لذلك اثناء التعاقد تبذل الاطراف المتعاقدة جهودها لدفع المخاطر الى الطرف الاخر ولعل من اهم المخاطر هما الكلفة ومدة التنفيذ.
المشاريع الانشائية بشكل عام تبدأ بمرحلة التخطيط ودراسات الجدوى واقرار المشروع, ثم مرحلة التصاميم , ثم التنفيذ, وبعد انجاز التنفيذ يكون التشغيل والصيانة. الا ان هذا المقال لا يتطرق الى مرحلة التخطيط التي تتم قبل اقرار المشروع , بل يتناول عقد تنفيذ المشروع ويتطرق الى مراحل التصاميم والتشغيل والصيانة فقط بالقدر الذي يوضح علاقتها المباشرة بتنفيذ المشروع .
: بعض انواع عقود المشاريع الانشائية
الطريقة التقليدية : التي تستخدمها اغلب ادارات المشاريع تعرف بطريقة (تصميم – مرحلة عطائات – تنفيذ)
في هذه الطريقة يتحمل رب العمل مخاطر كثيرة لعل من اهمها مسؤولية صحة تصاميم المشروع ودقتها و السيطرة النوعية لان رب العمل هو الجهة التي تصدر “اضافة الى الشروط العامة والخاصة وجداول الكميات” مخططات التصاميم التفصيلية والمواصفات الفنية للمواد وطرق الانشاء وتقوم بالاشراف على العمل والفحوصات والسيطرة النوعية. يقوم رب العمل بتحليل العطاءات واحالة المشروع الى المقاول وتسديد دفعة مقدمة في بداية العمل ثم تسديد دفعات شهرية الى المقاول عن قيمة الاعمال المنجزة ومواد الانشاء المجهزة وتكون الدفعة النهائية بعد انجاز التنفيذ مع الاحتفاظ بمبلغ يتم دفعه بعد انتهاء فترة (الصيانة بعد الانشاء) التي تكون مدة سنة واحيانا سنتين.
من مساوئ هذه الطريقة هو احتمالات عالية لزيادة الكلفة وتمديد مدة التنفيذ لاسباب عديدة لعل من ضمنها عدم دقة بعض التصاميم اوعدم ملائمتها لخصوصية الموقع. اضافة الى جودة المواد والعمل التي تم تحديد مواصفاتها من قبل رب العمل. من المساوئ الاخرى هي عدم ترك فرصة للمقاول لاستخدام مواد افضل او تكنولوجيا متطورة تعود بالنفع على عمر المنشأ وتقلل من كلفة الصيانة طوال عمر المنشأ لان المقاول مهمته تنتهي بعد تسليم المشروع بعد فترة (الصيانة بعد الانشاء). وكما نعرف جميعا ان المقاول يحاول انجاز الاعمال باقل كلفة لذلك لا نتوقع منه ان يستخدم مواد او طرق عمل افضل مما هو مطلوب في المواصفات.
طريقة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتسمى احيانا اسلوب التمويل البديل:
هذه الطريقة تشمل تحويل مسؤولية اصدار التصاميم التفصيلية والمواصفات, تمويل المشروع , تنفيذه , تشغيل وصيانة المشروع لمدة قد تصل 30 سنة, لذلك تسمى مشاريع تصميم – تمويل – تنفيذ – تشغيل – صيانة , وهذا يقلل مسؤولية رب العمل.
في هذه الطريقة مرحلة التخطيط للمشروع تتطلب وقتا وجهدا ودقة لانها ستكون الاساس لصحة مسار المشروع واخطاء التخطيط قد تؤدي الى تلكأ المشروع واحيانا تصل الى اعادة التفاوض مع المقاول.
في هذه الطريقة رب العمل لا يصدر تصاميم تفصيلية ولا مخططات ولا مواصفات مواد ولا طرق التنفيذ والسيطرة النوعية ولا يقوم بالاشراف على العمل بل يكون دوره متابعة التنفيذ والتنسيق لضمان سير العمل, بل يصدر وثيقة تسمى (متطلبات المنتج النهائي) والتي تتضمن متطلبات المشروع الرئيسة التي يحدد بها مواصفات المنتج النهائي , مثلا لمشروع انشاء مصنع تكون متطلباته الرئيسية تقتصر على نوع المنتج, كميته , نسبة الضياع في المواد الاولية والمنتج , ساعات التشغيل , نوع البناء , الخدمات المرافقة , اعمار الابنية والمكائن , امكانية التوسيع المستقبلي , ومحددات اخرى , ولا تحدد نوع المكائن او منشأها ولا سعة البناء , وهذا يتيح للمقاول عند اختياره تفاصيل المكائن مثلا ان يقوم بدراسة تأثير زيادة الكلفة الاولية لانشاء المشروع على كلف التشغيل , زيادة الانتاج . و الصيانة وما يجنبه تلكأ الانتاج لان كما ذكرنا ان التشغيل والصيانة جزء من مسؤولياته وهو يسترجع جزء من كلفة التنفيذ من تشغيل المعمل والتلكأ في الانتاج يؤثر سلبا على تحصيله لمبالغ التنفيذ.
من المعروف ان التشغيل والصيانة من قبل القطاع العام اكثر كلفة من القطاع الخاص , فهذه الطريقة ترفع مسؤولية التشغيل والصيانة عن كاهل القطاع العام (رب العمل). لكن بلا شك كلفة اعمال تنفيذ المشروع تكون عالية الا ان الحصيلة النهائية هي لصالح رب العمل.
مرحلة تحضير وثيقة (متطلبات المنتج النهائي) تتضمن اطلاع كافة الجهات ذات المصلحة والعلاقة بالمشروع ومراجعة الوثائق لشمول متطلباتهم في تلك الوثيقة , وفي الوقت نفسه يقوم رب العمل بايجاد المقاولين والامور المالية, اضافة الى ابرام عقود لمقاولات صغيرة لاعمال لا تحتاج الى تصاميم او جهد فني كبير مثل اعمال المساحة , دراسة البيئة , تحريات التربة , تسوية ارض المشروع , وغيرها من الاعمال التي لا تدخل في الاعمال الرئيسة للمشروع . الغاية من ذلك هو تقليل كلفة المشروع والاسراع في انجاز المشروع.
وثيقة (متطلبات المنتج النهائي) ايضا تتضمن شروط ومراحل تقديم التصاميم لمراجعتها من قبل رب العمل والجهات الرسمية ذات العلاقة ,وتتضمن شروط فنية دقيقة لاعتبار المنشأ منجز وقابل للتشغيل, وشروط مرحلة تحويل المنشأ الى رب العمل وهذا يكون قبل انتهاء مدة التشغيل والصيانة والتي قلنا انها قد تصل الى 30 سنة , اذ يجب ان يكون المنشأ في حالة جيدة قابلة للتشغيل والانتاج, وفي بعض الاحيان يتفق رب العمل والمقاول على تمديد المدة.
في هذه الطريقة جزء كبير من كلفة التنفيذ تكون من المقاول, واسلوب الدفع يضمن ابقاء مبلغ كبير بيد رب العمل يكفي لاكمال المشروع في كافة مراحله في حالة ترك المقاول للعمل.
دفعات هذه الطريقة تختلف عن الطريقة التقليدية ,في اغلب عقود هذه الطريقة يكون هناك دفعة مع بداية اعمال المشروع , دفعة بعد انتهاء اكثر من نصف اعمال التنفيذ, دفعة عند اكمال كافة اعمال التنفيذ وبداية التشغيل , ودفعة عند بداية مرحلة تحويل المنشأ الى رب العمل, ودفعة نهائية عند انتهائها.
التوصيات:
من اطلاعنا على مشاريع ضخمة منفذة بهذه الطريقة في مختلف انحاء العالم نرى انه من المفيد ان تقوم الجهات ذات العلاقة في العراق بدراسة مستفيضة لتفاصيلها من جميع الجوانب وجدوى اعتمادها في العراق . بقي ان نقول انها تحتاج مراقبة فنية وتعاقدية في كافة مراحلها.
4 comments
Join the conversationUrban Reform - May 15, 2020
Thank you Engr.Wejdan for this article , can we see examples for similar job achieved at the past ? , if not confidential
Dr.Kamal Almufrechi - May 16, 2020
السيده وجدان مقالتك اشرت موضوع مهم لكن مشاركة قطاعين مختلفين في اسلوب الاداره لن ينتج عنه نتائج ايجابيه مالم ان يدار مشروع الشراكه باسلوب المشروع التجاري البحت وفق حسابات الربح والخساره وادارة الاصول التجاريه بالشكل الذي يسهم في تحقيق عوائد تغطي التكاليف وتحقق ارباح اضافيه تضاف لراس مال المشروع وبالتلي ينمو المشروع لا ان تتاكل تلك الاصول وتضمحل كما خو الحال في المشاريع الحكوميه التي يستنزفها التكاليف وتقل العوائد وترتفع التكاليف الى الحد الذي يسبب خسارةتاكل راس المال وتفشل المشروع.
في كل الاحوال من شان تالقطاع الخاص ان يضفي تحسين بكغاءة القطاع العام اذا كام نسية مشاركته عاليه تسمح له بالتدخل لايقاغ الخسائرز
بوركني والى مقالات اخرى
دكمال المفرجي
Engr.Ahkam Al Taee - May 18, 2020
Most likely PPP contracts are successful in management services , I was contracts manger in ADEC & we used five PPP contracts with five major education firms to develop 25 model schools in Abu Dhabi.
Ms.Wejdan - May 21, 2020
Please see my new post (The Effectiveness of Alternative Financing and Procurement). I hope it answers your questions. Thanks