هيروشيما وناغازاكي عام 1945 غيّرتا العالم
د. علاء محمود التميمي
في مثل هذا الأيام قبل 75 سنة واجهت البشرية نوعا جديدا من الكوارث لم تكن معروفة من قبل وتضمنت لغات العالم جميعا مصطلحات جديدة لم تكن مسموعة كالحماية الإشعاعية والمخاطر النووية نظرا للرعب النووي الذي خلفه تفجير قنبلتين نوويتين في اليابان عام 1945.
التفجير الأول والأكثر شهرة كان في مدينة هيروشيما. فقد أسقطت قنبلة يورانيوم على هيروشيما في الساعة الثامنة وست عشر دقيقة صباحا يوم السادس من أغسطس سنة 1945 وفي مجرد ومضة سريعة تعرّضت مدينة هيروشيما اليابانية لضربة مروّعة في آثارها: نحو مائة ألف شخص قتلوا في الحال وأصيب عدد مماثل بإصابات مخيفة على حين أن الجانب الأكبر من المدينة قد تم محوه تماما .بعد ثلاثة أيام على ضرب هيروشيما ألقيت قنبلة ذرية أخرى على ناغازاكي لتقتل نحو 75 ألف شخص ,وبعد خمسة ايام فقط أعلن الإمبراطور الياباني هيروهيتو في 14 أغسطس/آب قبول بلاده لوثيقة الإستسلام لتضع اليابان حدا لخسائرها في الحرب العالمية الثانية. وحسب الأحصاءات المحلية للمدينتين والتي قدمت عام 2005 وصل العدد الأجمالي للضحايا الى 242437 شخص.
انذهل العالم بحجم الخسائر وأيقظ وعيا جديدا وهو: ان سلاح واحد تحمله وسيلة نقل واحدة يمكنه إبادة معظم السكان وأن يدمر البنية الطبيعية لمنطقة أو مدينة بكاملها وزاد في تفاقم الخوف من الإشعاعات وهو القاتل غير المرئي الذي يضرب ضحاياه لا على الفور بل على امتداد الأيام والأشهر والسنين وحتى الأجيال التالية.
أدى الرعب النووي إلى قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إنشاء اللجنة العلمية لدراسة تأثيرات الأشعة الذرية عام 1955 لدراسة أخطار الإشعاعات على الإنسان ثم شكلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1957 التي تقوم بتطوير التطبيقات السلمية لهذه الطاقة في كافة المجالات النافعة للبشرية وشكلت معظم دول العالم لجانا أو مؤسسات وطنية لرعاية جوانب الحماية من الإشعاع والكوارث النووية.
الانفجار النووي ينتج أشعة قاتلة تستطيع أن تؤدي بالإنسان إلى الوفاة مع الوقت وهذا ما حدث عند استخدام قنبلة هيروشيما وقنبلة ناكازاكي في اليابان وكذلك عندما تعرضت بعض المفاعلات النووية إلى أعطال أدت إلى تسرب الوقود النووي كما حدث في بلدة كيشينم في جبال الأورال في روسيا الاتحادية عام 1957 نتيجة حدوث تآكل في أحد خزانات النفايات المشعة عالية المستوي أدى الى انفجاره وانتشار مواد مشسعة وحادث وندسكيل في بريطانيا عام 1957 (مفاعل نووي) حيث انطلقت كميات من المواد المشعة و جزيرة الأميال الثلاث في الولايات المتحدة / عام 1979 حيث تلوثت مناطق شاسعة بمستوى قليل من الإشعاع و تشرنوبل في أوكرانيا / عام 1986حيث تلوثت مناطق شاسعة بمستويات عالية من الإشعاع و تعرض مئات الألوف من الناس إلى الأشعة و توفى الكثيرين خلال أيام واصابة الباقين بالسرطانات المختلفة .
المفاعلات النووية تنتج فضلات نووية تبقى مصادر للاشعاع لملايين السنين يجب التخلص منها ولا يمكن وضعها كأية نفايات أخرى بأي موقع بل يجب خزنها بأماكن خاصة حتى لا تؤثر على الناس.
سجلت الهيئات العالمية المعنية بالأمان النووي العديد من حوادث النقل النووية جوا وبحرا ومن أشهر الحوادث:
حادث تصادم طائرتين بأسبانيا عام 1966 بين قاذفة قنابل وطائرة تموين تابعتين للأسطول الأمريكي أثناء عملية تموين بالوقود في الجو مما أدى إلى سقوط القنابل الهيدروجينية الأربع التي كانت تحملها القاذفة وأثناء السقوط لم تنفرج المظلات بقنبلتين الأمر الذي أدى إلى تشغيل الشحنة الاعتيادية لكل منها وانطلاق المادة الانشطارية عند اصطدامها بالأرض (لم يحدث انفجار نووي) وأدى الحادث إلى تلوث المنطقة ,حادث سقوط طائرة في كرينلاند عام 1968 لطائرة محملة بأربعة رؤوس هيدروجينية (لم يحدث انفجار) لكن انتشر بلوتونيوم في المنطقة. الولايات المتحدة وروسيا يمتلكان أكثر من 50.000 قنبلة نووية وهيدروجينية لو تم استخدامها فهي كافية لقتل كل إنسان على الأرض.
من جهة اخرى يمكن استغلال التطبيقات السلمية لهذه الطاقة في مجالات نافعة للبشرية لخدمة التقدم التقني في عدة مجالات منها في الطب للعلاج والتشخيص والتعقيم, في الصناعة لانتاج أشباه الموصلات والمعالجات الكيماوية والكشف عن العيوب الصناعية وتقنيات اختبار الجودة وفي عمليات التعدين والبحث عن الخامات الطبيعية ,في الزراعة لاستنباط أنواع جديدة من المحاصيل ذات إنتاجية عالية وانتقاء نوعيات معينة من البذور ومقاومة الآفات والحشرات وزيادة مدة تخزين المنتجات الزراعية ,في إنتاج الطاقة الكهربائية حيث 20% من الطاقة الكهربائية في العالم تنتج حاليا من الطاقة النووية .
البعض يعتقد أن الطاقة النووية موجودة لتبقى وعلينا التعلم على كيفية معايشتها. آخرين يقولون أن علينا التخلص منها أسلحة ومفاعلات لتجنب أضرارها. كل منطق له مؤيديه ومعارضيه ويبقى على كل واحد منا أن يقرر ما هو العمل حيث إن الأضرار ان وقعت تكون شاملة تتجاوز حدود الدول ويمتد تاثيرها لاجيال قادمة.
2 comments
Join the conversationUrban Reform - August 12, 2020
“Every positive value has its price in negative terms… the genius of Einstein leads to Hiroshima.“
Pablo Picasso
Dr.Alaa Al Tamimi - August 28, 2020
it is true my dear friend.
Thank you